(۱۵) المبلِّغ فی الحجّ
یقول(قدس سره) فی خطابه الموجّه إلى المبلغین فی الحج : «أوصلوا هذا المؤتمر الإسلامی الکبیر إن شاء الله إلى النتیجه المطلوبه التی یریدها الإسلام» ۳۳ .
تعلیق :ما هی المواصفات التی یجب أن یتحلى بها المبلِّغ حتى یستطیع أن یقوم بتأثیر اجتماعی فعّال على بقیه الأفراد من الحجیج ؟ قد یتلخص الجواب بثلاثه عوامل یجب أن تتوفر فی ذلک المبلّغ الذی یحاول أن یؤثر على الحجیج على الصعیدین الفردی والجماعی :
أولاً : الثقه بالنفس . وهی من أهم عوامل التأثیر الاجتماعی; لأنّ الثقه بالنفس تعکس إیمان المبلّغ بالعقیده التی یحملها ویدعو الیها . وإقناع الآخرین بصحه النظریه التی یطرحها الفرد المؤثِّر لابدّ من أن یکون مستنداً على ثقته المطلقه بصحه فکرته; لأنّ الشک فی أصل الفکره لایساهم فی إنجاح عملیه التأثیر الاجتماعی ، بل یساهم فی تحطیمها وافشالها .
ثانیاً : العلم والمعرفه ، وهی حاله الفهم التی یختبرها الفرد من خلال الدراسه والخبره والاستکشاف . فالعالِم هو الذی یستلم مباشره المعلومات التی یستطیع إدراکها بوضوح ، فیحللها ویبنی علیها فهماً جدیداً على درجه عالیه من الیقین دون أدنى شک .
ثالثاً : أنّ من وسائل التأثیر الاجتماعی المهمّه هو مقابله المؤثِّر أو المبلّغ للأفراد الذین یرید تغییرهم وجهاً لوجه . بمعنى أنّ إقناع جماهیر الحجیج بضروره تطبیق أحکام الإسلام ورساله الدین ومکافحه الظلم والفساد مثلاً ، یکون أکثر فاعلیه إذا تمّ الاتصال بین المبلّغ وبقیه الأفراد اتصالاً شفهیاً مباشراً .
إنّ التأثیر الاجتماعی فی الحج ینبع من تطابق آراء الحجیج ونظراتهم تجاه العداله والحق والخالق والکون والحیاه . والحقائق الکونیه والاجتماعیه المرسومه فی ذهنیه هؤلاء الحجیج ما هی إلا نتاج المعالم الأخلاقیه للرساله الإسلامیه . ولما کان التجانس الاجتماعی من أهم وسائل التأثیر ، أصبح واضحاً أنّ من أهم أهداف الحج هو تغییر المجتمعات الإسلامیه المتباینه فی العادات والتقالید والثقافات ورفعها إلى مستوى شرعی مقبول ، بحیث تکون مهیّأه فکریاً ونفسیاً لإقامه الدوله الإسلامیه العالمیه الموحّده .